محاولة لتشويه جمالية فن الملحون

لقد نجح بعض المغرضين في تهميش فن الملحون وساهم في ذلك، وللأسف الشديد، شح حفاظ الملحون بالجود ونشر ما تزخر به مكتباتهم من القصائد ليتناولها ويحفظها بعدهم شباب في أمس الحاجة إليها عوض تهافتهم على موسيقى دخيلة وصاخبة لاتمت لتراثنا ولا لأصالتنا بأي صلة، وهاهم اليوم، وباسم التجديد ومسميات أخرى مفبركة، يحاولون تشويه إبداع الملحون، بعدما شوهوا مجموعة من الفنون التي تعد من التراث المغربي الأصيل.

فجمال الملحون يتجلى في الكلمة وفي الأداء الجميل دون اعتبار لآلة موسيقية دخيلة، وما هذا التسجيل الذي أضعه بين أيديكم، في نظري، سوى نموذج سافر لانعدام للذوق الرفيع الذي يتميز به فن الملحون والمولعون به..فليغنوا كما يشاؤون بشرط عدم المس بأصالة الملحون.. فكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أنا اللي قالوا موزون ثم اختلفوا فاسمـــــــي
كلها منهم كي سماني من كم سنة

أنا اللي تبليت بالملحون ولست ندري جرمي
زماني بالتجديد رماني، راد لي نفنا

وللتذكير فقط، فقد تداركت أكاديمية المملكة المغربية الأمر وستعمل قريبا على طبع ونشر عدة دواوين زجلية لفن الملحون، فليحتفظ الحفاظ بما لديهم وليدفنوا معهم مابخلوا به آنفا.

ودائما للتذكير ولأهميته، يحضرني ماكتب عن شيوخ الملحون في بداية عهد الاستقلال حيث كان من عادة الزجالين، وهؤلاء قد أدوا دورهم في هذه الفترة أحسن أداء، أن يقولوا للخلف: " خذوا عنا مايمكن أن يغيب غدا، ودونوا ماتسجله الكنانيش والكراسات بلغة الموسيقى، حتى لاتضيع(مرمات) القصائد، ففي ضياعها خسارة فادحة لأمتنا وحضارتنا. إنها صرخات مدوية لم تجد آذانا صاغية لها إلى اليوم. وبهذا غابت بعض "المرمات الموسيقية" من ساحة الإنشاد، وبعد غد ستصبح كنانيش الملحون لا يستفيد منها إلا خاصة الخاصة.