تــــــراث الملحــــــون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تــــــراث الملحــــــون

منتـــــــدى يهتــم بفـــــن الملحــــــــون
 
الرئيسيةالتسجيلأحدث الصوردخول

 

 غياب التوثيق آفة تعصف بتراث الملحون وأعلامه الشيخ عباس بن بوستة نموذجا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



عدد المساهمات : 739
تاريخ التسجيل : 27/01/2008
العمر : 124

غياب التوثيق آفة تعصف بتراث الملحون وأعلامه الشيخ عباس بن بوستة نموذجا Empty
مُساهمةموضوع: غياب التوثيق آفة تعصف بتراث الملحون وأعلامه الشيخ عباس بن بوستة نموذجا   غياب التوثيق آفة تعصف بتراث الملحون وأعلامه الشيخ عباس بن بوستة نموذجا Icon_minitimeالجمعة 19 يونيو 2020 - 23:33

غياب التوثيق آفة تعصف بتراث الملحون وأعلامه
الشيخ عباس بن بوستة نموذجا

بقلم: ذ. عبدالجليل بدزي

  هذا شاعر مجيد من أهل مراكش، قوي الشاعرية كثير النقد من الناحية الاجتماعية، لاذع الهجاء، لا تعرف سنة ميلاده بالتحديد، وإن عرف عنه أنه عاش أيام السلطان العلوي المولى عبد العزيز، كان يقطن بحي "قاعت بناهيض" أحد الأحياء العتيقة بمدينة مراكش، وكان يشتغل "قهوجيا" قرب سوق "العطارين" بنفس المدينة، وهو إلى جانب ذلك ينتمي إلى آل بوستة الذين تقدمت فيهم رئاسة بمراكش، وضايقوا الباشا "لكلاوي" حتى قتل أحد أعمامه غدرا، وكان هذا سبب هجائه له في قصائد كثيرة.
  كان شاعرا صوفيا ينتمي إلى الزاوية "التيجانية"، ومن أوليات شعره الذي نظمه أيام المولى عبد العزيز، قصيدة "التجانية" في مدح سيدي أحمد التجاني، ويقول في حربتها:

سِيدْنَا مُولاي أحْمد شِيخنا التجاني * ابن سالم الأمجد تاج العارفين
إمام الطايفَة القايمَة بالجمع ولزار صاحب الجوهرة


  نظم في جل الأغراض الخاصة بشعر الملحون، وأكثر من الجفريات التي كانت تلائم اتجاهه في التصوف، كما خصص قصائد منفردة لهجاء الباشا لكلاوي، وإن كان يهجوه عرضا دائما في أغلب قصائده. جل كلامه في الحضاري، ويؤدى على الطريقة العيساوية.
  توفي رحمه الله تعالى في شهر صفر سنة 1367هـ، الموافق لشهر يناير 1948م.
  وإذا تأملنا حياة هذا الرجل القريب جدا من زمننا هذا، نجد حوله اختلافات كثيرة، ومن ذاك على سبيل المثال لا الحصر:
1/ العديد من الباحثين والمهتمين يعتبرون أنه لا علاقة له بأسرة آل بوستة التي كانت حاكمة آنذاك ولازالت لها أثرها في السياسة إلى اليوم، وإنما الأمر فقط تشابه أسماء، لكن المطلع الحاذق، يعرف أن هذه الأقوال لا دليل عليها، وأنها تدخل فقط في باب الديماغوجية التي تسعى إلى عدم الربط بين الشاعر وجذوره الأسرية، والقصائد الهجائية التي كان يجلد فيها الباشا التهامي الكلاوي، وهو شيء نضيفه إلى ما قام ويقوم به البعض من ممارسات يسعى من خلالها إلى طمس معالم التاريخ المغربي الحقيقي، ومحاصرة كل تجربة جادة ساعية إلى كتابة تاريخنا بشكل أكثر نصوعا ووضوحا، لذلك فنحن نصر على أن الشاعر ينتمي إلى أسرة آل بوستة حتى يثبت العكس بالأدلة الدامغة، ومن تمة يجدر بنا أن نربط بين قصائد الشيخ وبعض الأحداث التاريخية التي كانت زمنة الهيمنة الاستعمارية على المغرب.
2/ هذه الرؤية المغرضة والضيقة امتدت حتى وصلت شاعرية الرجل، فنفى عنه البعض أن يكون شاعرا، ذلك أنه كان أميا لا يقرأ ولا يكتب، وأن له أخا يسمى الفقيه "سيدي امَّانْ" هو الذي كان يكتب الأشعار وينسبها لأخيه عباس خوفا من المتابعة من طرف الحكام آنذاك، وهذا الأمر أيضا لا يعدو ضربا من التخريف، ذلك أن الأمية ظلت سمة ملازمة لغالبية رجالات الملحون منذ نشأة هذا الفن، ولا يعقل أن يكتب الأخ قصائد يخاف من ردة فعل الحكام اتجاهها ومن التنكيل به، فينسبها لأخير مما يوصل الأذى إلى أخيه، وهو أمر غير مقبول إطلاقا، كما لا يجب أن يعزب عن البال أن الشيخ بوستة كان منتميا للزاوية التجانية التي من الأدوار التي تلعبها تعليم المريدين ولو عن طريق السماع.
3/ مسألة أخرى تدخل في طيات أزمة التوثيق، ذلك أن الرجل رغم أنه عاش في عهد قريب منا، وكان بيننا من الأشياخ من عاصره ورآه وجالسه، ورغم ذلك، فهناك اختلاف حول المكان الذي كان فيه مقهاه الصغير، والذي يوزع من خلاله كؤوس المشروبات على زبائنه، وحسب ما يرويه هؤلاء، ليس هناك اتفاق بين شخصين حول المكان الذي كان يمارس فيه الشيخ تجارته، مما يجعل كل الآراء عبارة عن رجم بالغيب لا أقل ولا أكثر.
4/ لا نعرف تاريخ ميلاد الشاعر بالضبط.
5/ أن العديد من قصائده الشعرية ضاعت ولا يعرف عنها شيء، ومن ذلك: قصيدتين تحت عنوان "الفجر 1و2"، وقصيدة "العزو" التي رثى فيها عمه المقتول من طرف الباشا الكلاوي، وبعض القصائد الهجائية والصوفية وغيرها.
6/ وحتى بالنسبة لشعره الذي انحدر إلينا عن طريق المشافهة، فإننا نجد فيه تبديلا ومغالطات وكلمات غير مفهومة، ومن بين الأدلة التي نوردها في هذا الصدد ـ على سبيل المثال لا الحصرـ، قصيدة "السفرية".
  وهي قصيدة مشهورة جدا، وتكشف جليا مدى قوة شاعرية الرجل وانشغالاته وسلاسته في تناول القضايا، مما يجعله واحدا من فطاحل شعراء الملحون المتأخرين، وقد جمع فيها بين الموعظة والتوجيه، والهجاء اللاذع، والحِكم التي انطلق فيها من تجاربه الشخصية، ومخالطاته لعلماء عصره ورجالات الصوفية، زيادة على ذلك، فالشيخ "عباس بوستة" كان موفقا بشكل كبير في توظيف أمثال العامة والاستفادة من أقوالهم، والعمل على توظيف هذه الأمثال كوسيلة لتقريب الصورة من جميع الناس وخلخلة لا وعيهم حتى يصبحوا مشاركين في الأحداث، لكن المشكل المطروح والمرتبط بغياب التوثيق، هو بعض المفردات التي كتبت ونقلت بطريقة غير سليمة، وتداولها النساخ والمنشدون دون أن يولوها اهتماما، مما يكشف على أن هذه القصائد تؤدى بشكل ببغائي دون احتفاء بالدلالة اللغوية للكلمات، والبحث عن الصحيح منها، والأخطر من ذلك كله كون الكلمات التي تردد لا يعرف أحد معناها وليس متفقا عليها، حتى أن النساخ الكبير "دلال الحسيكة" وقع في نفس المطب، وسار في نفس الخطأ، ولا أكتم القارئ سرا أنني طفت على الكثير من الباحثين والأشياخ في العديد من المدن المغربية، من أجل توضيح معاني هاتين الكلمتين في قصيدة "السفرية"، وتجولت بين المهتمين بمدينة مراكش، ولم أجد لسؤالي من جواب سوى الكلام المبهم الغير مفهوم، وبقيت مهموما مدة من الزمن منشغلا بهذا الأمر، حتى فتح الله لي بابا أرشدني إلى بديل لهذه الكلمات لعله أن يكون هو الأصل، والكلمتين توجدان في القسم الخامس من القصيدة، حيث يقول الشيخ برواية الشيخ "دلال الحسيكة"، ومن تابعه في ذلك من النشادة وأشياخ الكريحة دون تمحيص:


من يتولى يا صــاح(29) * زاد قلبه اقسـاح(30) * لــو كان مـن الصلاح * يعود لــص أو قبيح
مــن لا يسعى فصلاح * لا فحكــم إيصلاح * والظالــم مــا يصلاح * لـــو يقــولــو امليح
لحت احجرت الرداح(31) * من السطاح اتلاح * جاك القـرد الشطـاح * مـن أولاد المسيــح

عتــروس أوقالــو شــــادي(32)        عجبـــا للسلماج(33) العـــوهــــاج(34) قــــــاد
واليــــــر ازهـــر فالشادي(36)        ورجــــع بالقهــــــر(37) عليه حاكمه فالبلاد
راهـــــــــــــادي هــــي هــــــــــادي(38)


والبعض ممن رفض رواية "الحسيكة" يقول:

والليـــــس ازهر فالسادي          وارجع بالقهر عليه حاكمه فالبلاد


  وفي الحقيقة، لم أفهم معنى الكلمات التي وردت في كناش الحسيكة: "اللير/ الشادي/" كما لم أفهم الكلمات التي أوردها من عارضوه وهي: "الليس/ السادي"، ذلك لأن هذه الكلمات ببساطة لا معنى لها، وعند تجميعها في تركيب لا تؤدي إلى أي دلالة، ولا توصلنا إلى أية فكرة، إنها مأساة انعدام "الحَفّاظ اللي كيرَبِّي" على حد قول أشياخ الملحون، وانعدام الموثق المثقف الذي يمحص الكلمة ويفهم معناها قبل أن يضعها في موقعها داخل القصيدة، وغياب التوثيق يفتح الباب أمام الإمعات يقولون كما يشاؤون دون حسيب ولا رقيب، خاصة وهم يعلمون أنهم يوجهون كلامهم لفئة من الناس لا يهمها من الملحون إلا جانبه الفرجوي وانتهى الأمر، إن سؤالي عن دلالة هذه الكلمات في هذا النص، أفضى بي إلي التالي: كلمات (اللير أو الليس) في رواية أخرى محرفة فاقدة المعنى، والذي كتب اللير كان أقرب إلى الصواب، فقد تكون الكلمة الأصلية حرفت نتيجة نطق غير سليم، أو سقوط بعض الحروف من الكلمة في النسخة الأصلية، والكلمة الأصلية هي: (الرَّالْ)، و(الرال) هو ولد النعام، وهي كلمة فصيحة توجد في الكثير من الأشعار العربية، ننقل كنموذج عن ورودها في الشعر العربي قول الشاعر الأخطل في مقدمة هجائه لجرير بن عطية الخطفي:


كـَذبَتْـكَ عينك أم رأيت بـواسط ** غلس الظلام من الرباب خيالا
وتعـرضت لك بـالأبالِـخ بعـدما ** قطعــت بأبـرق خلـة ووصالا
أهِــي الصريمة منـك أم محـلـم ** أم ذا الـدلال فطــال ذاك دلالا
ولقد علمت إذا العشار تروحت ** هــدج الرئال تكـبهــن شـمـالا


والرئال في البيت الأخير جمع رال، وقد استعملها الشيخ أحمد الحبابي في قصيدته "اخناثة"، خاصة في القسم السادس عندما قال:

الحــربــة:
قُـــولُــــوا لَخْــنَــاثَــــة * يَا اتْـــرَى فَالْعَــهَـــدْ تَـــبْــقَــــى ثَابْــتَـــــــة مَنْ صَالَتْ بَجْمَالهَا حْيَاتِي * رَاحَتْ رُوحِي الصَّايْلَة عَل لَبْدَرْ بَنْعُوتْ
القسم السادس:
قال يانا سيدي شَفَّة امْضَرْغْـمَة وَالشَّامَة سَقْـمِي اشْفَــاتْ
وَالخَالْ خَلخَـــلْ السَّاكـَـــنْ مَــنْ لَـبِّي * حَارْسْ الوَجْـنَـة مَــنْ قُــرْبِي
* أنْـــفْ بَــــازْ امْـــرَاعِـــــي غُـلـبِـــي *
زَادْ تَــعْــــبِــــــــــي * مَرْشَـــفْ عَـذْبـِـــي * اشـْــــــذَاهْ يَـسْـبِـــــــي
والرِّيقْ ارْحِيـقْ فِي ابْـدَانِي * واثغَارْ ادْرَارْ نَابْـتَة فالمَرْجَانْ اتْـبُــوتْ
دَامِـــــــي وَالآتـَــــــــا * جِيــــدْهَا لِيــهْ اجْــيَــادْ الـــرَّالْ كـَــافْـتـَــــة
جِيـدْ الشادْ الشارْدَة اخْنَاتِـي * غَايَــرْ مَنْ جِيدْهَا الفَايَـقْ جِيـدُه بَنْعُوتْ


أما بالنسبة لكلمة "السادي أو الشادي" فالكلمتين أيضا مغلوطتين والكلمة السليمة هي "أسادي"، فينتظم القول في النهاية على هذا الشكل:

من يتولى يا صــاح(29) * زاد قلبه اقسـاح(30) * لــو كان مـن الصلاح * يعود لــص أو قبيح
مــن لا يسعى فصلاح * لا فحكــم إيصلاح * والظالــم مــا يصلاح * لـــو يقــولــو امليح
لحت احجرت الرداح(31) * من السطاح اتلاح * جاك القـرد الشطـاح * مـن أولاد المسيــح

عــتــروس أوقــالــو شــــادي(32)        عجبـــا للسلماج(33) العـــوهــــاج(34) قـــاد
والــــرال(35) ازهـــر فأسادي(36)        ورجــــع بالقهــــــر(37) عليه حاكمه فالبلاد
راهـــــــــــــادي هــــي هــــــــــادي(38)


  وهكذا يصبح المعنى واضحا، فالشيخ يقيم مقارنة بين الجميل والقبيح، القوي والضعيف، وتنقلب الأوضاع في زمان لا يتورع فيه الإنسان عن التعجب من هذا الدهر الذي ينكل بالناس ويقلب لهم ظهر المجن، على حد قول سيدي عبد الرحمن المجدوب:

ازمــانـــي يــا الــغـــدار ** يا المهــرسني مـن اذراعي
انزل من كان بوه سلطان ** واركب من كان بوه راعي


  حيث يسير الشيخ في نفس المنحى قائلا، في زمن العجائب هذا، يقول الجمهور، "عتروس وقالو شادي"، وكيف يمكن أن يقارن على مستوى الصوت بين الصخب الذي يحدثه الجدي، والأنغام الجميلة التي تصدر عن صاحب الصوت الجميل، والحالة شبيهة بالنملة الصغيرة جدا والتي تقود الجمل، وهذا من غرائب الدنيا،
وفي نفس السياق يسير البيت الثاني من هذا القسم والذي يقول فيه:
و"الرال ازهر فأسادي"، أي ولد النعامة وقف مزمجرا ومتحديا الأسد، بل وتسيد عليه وطرده واستولى على حكمه.
  وهذه الحالة التي قرنها الشيخ بوستة بمثالين هي حالة الباشا الكلاوي الذي حسبه من المرتزقة، وهو بعيد عن أن يكون له أي إلمام بالحكم، ومع ذلك ففي غياب الأسود تسيد المشهد السياسي، أي عندما تم نفي محمد الخامس، بل وكان من العاملين على نفي السلطان  ومساندة الاستعمار الفرنسي في تحقيق ذلك.
  فإذا كان هذا شأننا مع شاعر قريب من عصرنا، فما بالنا مع نصوص لشعراء آخرين يمتدون إلى ما وراء ستة قرون من تاريخ الملحون المغربي، ماذا سنقول عن شعر شعراء الحقب الموغلة في التاريخ، وعن حيواتهم أيضا؟
  إنها دعوة صريحة لعدم ترك هذه المادة التراثية الرصينة في يد العابثين الانتهازيين الذين يعملون من خلالها على تلميع أنفسهم وتسويق وجوههم بطريقة صلفة، تدينهم أكثر وتكشف حقيقة ما يضمرون، إنها دعوة للمسؤولين في وزارة الثقافة بالخصوص من أجل تحمل مسؤولياتها في تدوين التراث والحفاظ عليه وقطع الطريق عن الذين يتخذونه مطية لتحقيق الأهداف الشخصية، وإليكم القصيدة كاملة مع شرح معجمي لبعض كلماتها، مشيرا إلى أنني لا زلت أبحث عن معنى: "ابنين العلكادي"، حيث لا أعرف المقصود، هل هما شخصين فمن هما؟، أم بنايتين؟ أم ماذا؟، أرجو أن تحمل تعقيباتكم جوابا شافيا عن هذه الأسئلة، وذلك بقصد المساعدة على فهم وفك مستغلقاته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://malhoun.yoo7.com
 
غياب التوثيق آفة تعصف بتراث الملحون وأعلامه الشيخ عباس بن بوستة نموذجا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أثر الآلة على الملحون - عباس الجيراري -
» الفكاهة في الشعرـ الملحون نموذجا بقلم الأستاذ عبدالجليل بدزي
» أثر الآلة على الملحون - الدكتور عباس الجراري
» الشعر الملحون وإشكالية التوثيق - للأستاذ عبدالجليل بدزي
» أوراق في الكوميديا الملحونية الشيخ محمد بن عمرالمراكشي نموذجا - الأستاذ عبد الله المعاوي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
تــــــراث الملحــــــون :: منتدبـــــات الملحــــون :: مواضيع عن فــن الملحون-
انتقل الى: